Saturday 30 July 2016

شرح كلمة السيد المسيح (يسوع الناصري | آدم الثاني)

شرح كلمة

السيد المسيح

(يسوع الناصري | آدم الثاني)





← اللغة الإنجليزية: Jesus of Nazareth - اللغة الأمهرية: ኢየሱስ - اللغة القبطية: Ihcouc Pi`xrictoc.




سُمِّيَ ربنا، له المجد، "المسيح" لأنه مُفْرَز ومُكَرَّس للخدمة والفداء، وُعِدَ بمجيئه حالًا بعد السقوط (تك 3: 15)، فإن المسيح هو المقصود بنسل المرأة (غل4:4)، والشيطان وخدامه بنسل الحية (يو 8: 44 و1 يو 3: 8). وسحق الشيطان وأتباعه عقب المسيح يراد به أنهم آلموه وقتلوه غير أن المسيح سحق رأس الشيطان ونسله إذ انتصر على الخطيئة والموت. وكان العبرانيون ينتظرون مجيء المسيح من جيل إلى جيل. وتجدد الوعد به لإبراهيم (تك 12: 3 و22: 18)، وليعقوب (تك 49: 10)، ولبلعام (عد 24: 17)، ولموسى (تث 18: 15 و18)، ولناثان (2 صم 7: 16). وتكرر الوعد به في المزامير والأنبياء ولاسيما إشعياء إلى أن أتى يوحنا المعمدان يبشر بقدومه. وقد أعلنت في العهد القديم أسماء بعض أسلاف المسيح (تك 49: 10. واش 11: 1)، ومسقط رأسه (مي 5: 2)، ووقت ظهوره (دا 9: 25-27). أمااليهود فلم يفهموا هذه النبوات فظنوا أن المسيح يكون ملكًا زمنيًا يخلصهم من ظالميهم ويرقيهم إلى أعلى درجات المجد والرفاهة حسب معنى النبوات الحرفي (مز 2 وار 23: 5 و6 وزك 9: 9 وغيرها). فلما ظهر المسيح ذاته والرسل تمت أو تحققت هذه النبوات على غير معناها الحرفي (مت 36: 54 ومر 9: 12 ولو 18: 31 و22: 37 ويو 5: 39 واع 2: 16-31 و26: 22 و23 واف 4: 8 وابط 1: 11). غير أن البعض من اليهود في أيام ظهور المسيح كانوا ينتظرون مجيئه وخلاصه الروحي منهم سمعان وحنة (لو 2: 25 و38).

* نبوات وردت عن السيد المسيح في العهد القديم وبيان تمام هذه النبوات في العهد الجديد.




بعض الحوادث التاريخية في حياة المسيح:



ليس من اليسير أن نصل إلى معرفة تاريخ ميلاد المسيح أو معموديته أو صلبه على وجه التحقيق وبلا منازع إلا أن جمهور المؤرخين والعلماء يتفقون على تاريخ هذه الحوادث على وجه التقريب - وقد بدأ وضع التقويم المسيحي رئيس دير يدعى ديونيسيوس اكسيجُؤس الذي مات قبل عام 550 ميلادي. فاختار هذا الراهب تاريخ التجسد كالتاريخ الفاصل بين الحوادث السابقة والحوادث اللاحقة له. إلا أنه ربط بين بداية التقويم المسيحي وعام 754 لتأسيس مدينة روما. فقد ذكر أن المسيح ولد في هذا العام، وأن عام 754 لتأسيس روما يقابل العام الأول الميلادي. إلا أن ما ذكره المؤرخ يوسيفوس يظهر بوضوح أنهيرودوس الكبير الذي مات بعد ولادة المسيح بوقت قصير (مت 2: 19-22)، أنه مات قبل عام 754 لتأسيس روما، فعلى الأرجح أنه مات قبل عام 754 لتأسيس روما الذي تقابل سنة 4 ق.م. ولذلك فالحوادث التي جرت بعد مولد المسيح وقبل موتهيرودس ينبغي أن توضع في تاريخ سابق للسنة الرابعة قبل الميلاد، وربما جرت هذه الحوادث في مدى شهرين أو ثلاثة أشهر قبل هذا التاريخ. اذن فميلاد المسيح تمّ اما في أواخر سنة 5 ق.م أو في أوائل سنة 4 ق.م أما الاحتفال بميلاد المسيح في الخامس والعشرين من ديسمبر فقد بدأ في القرن الرابع الميلادي. ولذا فربما كان ميلاد المسيح في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر عام 5 ق.م. وهذا يجعله سابقًا للتاريخ الذي وضعه ديونيسيوس (أي 25 ديسمبر سنة 1 ميلادية) بخمس سنوات أما تاريخ بدء خدمة المسيح ومناداته ببشارة الأنجيل فيفهم من لوقا 3: 23 حيث يذكر البشير انه عند بدء خدمته كان في الثلاثين من عمره تقريبًا وقد بلغ الثلاثين من العمر في 25 ديسمبر سنة 236 ميلادية. أما تاريخ المعمودية بحسب التقليد فهو 6 يناير وإذا افترضنا على أية حال أن المعمودية كانت في 6 يناير سنة 27 ميلادية فعبارة لوقا من أنه كان حوالي 30 سنة عندما بدأ مناداته ببشارة الانجيل صحيحة وتطابق الواقع تمامًا.


وتظهر لنا صحة هذا التاريخ أيضًا من قول اليهود بعد المعمودية بوقت قصير من أن الهيكل بُني في ست وأربعين سنة (يوحنا 2: 2) فقد بدأ بناء هيكل هيرودس في سنة 20 أو 19 ق.م. فإذا حسبنا هذه الست والأربعين سنة من وقت بدء بناء الهيكل لوصلنا إلى عام 27 الميلادي هو بدء خدمة المسيح الجهارية. وإذا حسبنا أيضًا الخمسة عشر عامًا من حكم طيباريوس قيصر المذكورة في لوقا 3: 1 عندما بدأ يوحنا المعمدان خدمته وذكرنا أيضًا أن طيباريوس قيصر بدأ يشترك في حكم الامبرطورية مع أغسطوس قيصر عام 11 أو 12 الميلادي لوصلنا في حسابنا إلى عام 26 الميلادي، وهذا يوافق الواقع بحسب التواريخ الأخرى المذكورة.





أما المدة التي قام المسيح في أثنائها بخدمته الجهارية والسنة التي صلب فيها فيمكن معرفتها من عدد أعياد الفصح التي يذكرها يوحنا في بشارته، فيذكر يوحنا على الأقل ثلاثة من أعياد الفصح (يو 2: 13 و6: 4 و13: 1). وعلى الارجح جدًا أن العيد المذكور في يوحنا 5: 1 كان عيد فصح أيضًا. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس الكتاب المقدس والأقسام الأخرى). فإذا كان الأمر كذلك فقد شملت خدمة المسيح الجهارية أربعة من أعياد الفصح صلب المسيح في الأخير منها فإذا كانت معمودية المسيح في أوائل سنة 27 ميلادية يكون أول عيد فصح حضره أثناء خدمته الجهارية هو الذي وقع في شهر ابريل من تلك السنة ويكون الصلب قد وقع في عام 30 الميلادي عندما بدأ عيد الفصح في ذلك العام 7 ابريل منه ولذا فبحسب هذا تكون التواريخ الرئيسية في حياة الرب يسوع المسيح على الأرض هي هذه:


ميلاده في 7 يناير (كانون الثاني) / 25 ديسمبر (كانون الأول) عام 5 ق.م.


معموديته وبدء خدمته الجهارية في يناير (كانون الثاني) عام 27 ميلادي.


صلبه في 7 أبريل (نيسان) عام 30 ميلادي.



الحوادث الرئيسية في حياة ربنا يسوع على الأرض :



نجد في الأناجيل الأربعة مادة كافية ترشدنا إلى الحوادث الرئيسية في حياة الرب يسوع على الأرض وهذه هي:



(أ) ميلاده المعجزي :



تعرف البشيرون على الحقائق المتعلقة بميلاد المسيح المعجزي من شهود عيان ومن أشخاص لازموا هذه الحقائق عند وقوعها أو كان لهم نصيب فيها عند تمامها . فإنه بالإضافة إلى أن يسوع وهو على الصليب عهد بأمه مريم إلى تلميذه يوحنا (يو 19: 26و27). فإنه ينبغي أن لا يغيب عنا أن يعقوب أخا الرب (انظر: أخوة الرب)، كان لمدة سنين طويلة من القادة المتقدمين في الكنيسة المسيحية في أورشليم. وبعد القيامة والصعود كانت مريم أم يسوع تلازم المؤمنين في أورشليم ، وكان إخوته وقد تحرروا من كل شك في ألوهيته، يشتركون مع المؤمنين أيضًا ويلازمونهم (أعمال 1: 14) وعندما رافق البشير لوقا بولس الرسول في زيارته لأورشليم في عام 56 أو 57 الميلادي كان يعقوب أخو الرب أحد الذين زارهم بولس هناك (أعمال 21: 17 و18) وكان لوقا في ذلك الحين وكما يظهر من مقدمة بشارته شغوفًا كل الشغف بجمع الحقائق الخاصة بحياة الرب يسوع.


ولا نجزم يقينًا أن لوقا قابل مريم أم يسوع بنفسها عندما كان في أورشليم ولكن من المحقق أنه استقى الحقائق التي تتعلق بميلاد الرب يسوع التي تعرفها مريم وحدها إما منها أو من المقربين إليها الذين استقوها منها شخصيًا . فقصة ميلاد المسيح المذكورة في إنجيل لوقا ص 1: 26-56 و2: 1-51) والتي تذكر الحبل به من الروح القدس تذكر في هذا الإنجيل من وجهة نظر مريم وكما لامست حوادثها وحقائقها بنفسها. وعندما يذكر متى قصة ميلاد الرب يسوع يذكرها من وجهة نظر يوسف . وكلا البشيرين يتفقان على أن الرب يسوع حبل به في البطن بالروح القدس وولد ابن الله من مريم العذراء البتول الطاهرة (لو 1: 35 ومت 1: 18-24). وتمشيًا مع هذه الحقيقة يفتتح يوحنا البشير بشارته بهذه الكلمات : "في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله.. والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا ورأينا مجده مجد الابن الوحيد من الآب، ممتلئًا نعمة وحقا" (يوحنا 1: 1-14).



(ب) طفولية يسوع وصباه ونموّه :




ندرك من لوقا 2: 40 أن حياة يسوع من طفولته إلى شبابه كانت شبيهة بحياة الإنسان العادي ما خلا أنها كانت كاملة ، ففيه تحقق مثال الإنسان الكامل الذي أراده الله أن يكون مثالًا للبشر في كل مراحل حياتهم ومع انه عاش في بيت وضيع مع مريم ويوسف وربما أيضًا مع أخوته وأخواته المذكورين في الكتاب إلا أن حياته كانت في كل الأوقات والظروف متفقة تمامًا مع إرادة الله (لو 2: 52) . ويظهر جليًا أنه شعر في سن مبكرة أنه ابن الله الوحيد (لوقا 2: 49) . ويبدو جليًا من لو 2: 46 و47 أنه بدأ في حداثته المبكرة وفي سن صغيرة يدرس العهد القديم دراسة عميقة واسعة . ومع أنه يبدو أن يوسف مات لهذا بدأ يسوع يعمل كنجار بجد واجتهاد كي يعين أمه وأخوته في شؤون معيشتهم (مت 13: 55 و56) . إلا انه أعطي وقتًا كافيًا للتأمل وقراءة الكتب المقدسة والصلاة . وإننا لا نجد في العهد الحديد الكثير من طفولية الرب يسوع ما عدا هذه الإشارات البسيطة والقول الوارد في لوقا 2: 52 "وأما يسوع فكان يتقدم في الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس".



(ج) معموديته وتجربته :



عندما بلغ يسوع سن الثلاثين من العمر حوالي عام 27 الميلادي (لو 3: 23) ، ترك الناصرة واعتمد من يوحنا المعمدان . وبعمله هذا أعلن جهارًا أنه قد تقبل عمله المجيد كالمسيا وكابن الله الوحيد والمخلص الذي مع أنه بلا خطيئة تمامًا إلا أنه حمل خطيئة البشر.


وقد أعلن الله الآب رضاه عن عمل ابنه هذا في كونه صار شبيهًا بأخوته البشر الخطاة ، في نزول الروح القدس عليه في هيئة جسمية ملموسة كحمامة ، وبمجيء الصوت إليه معلنًا : "أنت ابني الحبيب بك سررت" (لو 3: 22) . وهذه الكلمات تجمع بين (مز 22: 7 وأش 42: 1) . وهذه الكلمات تعلن أن هذا هو المسيا الذي تتحقق فيه النبوات بأنه عبد الله المطيع لإرادته المتألم لأنه يحمل خطيئة الكثيرين.


وبهذا اليقين في قلبه اقتيد يسوع إلى برية اليهودية لكي يجربه إبليس (مت 4: 1) حتى يثبت كفايته كمخلص البشر وأهليته لهذا العمل العظيم . فكان عليه أن يبرهن أولًا على طاعته المطلقة من غير قيد ولا شرط للآب السماوي ويدلل على قدرته في الانتصار على المجرب . وقد رأى بعض المفسرين في ذكر التجربة في بدء خدمة المسيح الجهارية مقابلة بينها وبين قصة السقوط في تكوين ص 3 وكيف أن آدم الأول سقط وهو في أحسن الظروف المواتية للانتصار وكيف أن آدم الثاني الرب يسوع انتصر على المجرب وهزمه بالرغم من الظروف القاسية التي وجد فيها . وخرج من التجربة ظافرًا غالبًا معلنًا للعالم بأنه يليق لأن يكون ابن الله الوحيد ومخلص العالم بغير منازع (مت 4: 1-11 ومر1: 12و13 ولو4: 1-13).



(د) بدء خدمة يسوع الجهارية :



بعد أن انتصر يسوع على المجرب وهجماته القاسية وبعد أن"خرج غالبًا ولكي يغلب" بدأ خدمته الجهارية فدعا تلاميذه الأولين (يو 1: 35-51) . وأظهر قوته في معجزة تحويل الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل (يو 2: 1-11) ، وبعمل بعضالمعجزات (يو 2: 23 وما يليه)، وبتعليمه نيقوديموس حقائق روحية رائعة عن الولادة من فوق أو الولادة الجديدة (يو 3: 1-21) ، وبتقديمه بشارة الخلاص إلى امرأة سامرية منبوذة من قومها (يو 4: 1-42). وقد مهد لهذه المرحلة من خدمته الجهارية يوحنا المعمدان وقد وصلت هذه المرحلة إلى الذروة عندما اعترف بعض السامريين إذ قالوا : "فإننا قد سمعنا بأنفسنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم" (يو 4: 42).



(ه) مناداة المسيح في الجليل وخدمته هناك:



كان وضع يوحنا في السجن إشارة التنبيه القوية التي بعدها بدأ يسوع خدمته في الجليل معلنًا النداء أنه قد جاء الميعاد وقد اقترب ملكوت الله (مر 1: 14 وما يليه) . وعندما أعلن في مجلس الناصرة بأنه هو المقصود بالنبوات عن المسيا المنتظر وأن هذه النبوات قد تمت فيه ، رفضه قومه وأهل بلدته (لو 4: 16 وما يليه) من بعد هذا اتخذ يسوع كفر ناحوم مركز بثّ دعوته ونشر رسالته ، وبقيت كفر ناحوم مركزًا له مدة تزيد على سنة كاملة من خدمته . فكان يعلّم في كفر ناحوم وفي أنحاء أخرى من الجليل ويعمل المعجزات (مت 4: 2، 14: 13 ومر 1: 14، 6: 34 ولو 4: 14-9: 11 يو 4: 46-54 وغيره). وقد أظهر سلطانه وقوته في عالم الأرواح وهزيمة الشيطان وجنوده (لو 8: 26-39 و9: 37-45 وغيره). كما أظهر قوته على الجسم البشري وعلى الأمراض الجسمانية والروحانية (مت 8: 1-17 و9: 1-8 وغيره). كما وأظهر قوته على الحياة والموت (لو 7: 11-17 ومت 8: 18-26). ثم أعلن في النهاية أن له سلطانًا تامًا على مصير البشر الأبدي وأظهر في الموعظة على الجبل وفي غيرها من تعاليمه سلطانه الفريد على إعلان شرائع ملكوت الله وقوانينها (مت 5: 1-7: 29 وغيره).


وعندما أظهر سلطته العظمى بوصفه المسيح المنتظر ، أظهر أيضًا محبته الفائقة وحنانه الذي لا نظير له على مصابي الجسد والروح (مت 9: 1-8 و18-22 ولو 8: 43-48 وغيره). وقد أعلن مرارًا وتكرارًا بأنه قد جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك ، وقد استعمل سلطانه الإلهي في مغفرة الخطايا (لو 5: 20-26 و7: 48-50).


وقد اختار من بين تلاميذه وأتباعه اثني عشر ليكونوا تلاميذه المقربين (مت 10:1-4 ولو 6: 12-16). وقد علَّم هؤلاء ودربهم ليكونوا رسله.


وقد علّم سامعيه بسلطان ، ولم يبد عليه قط أدنى خوف من أعدائه من حكام اليهود والفريسيين فزاد هذا من قوة تأثير معجزات الشفاء التي أجراها والدلائل الأخرى لسيطرته وقوته وسيطرته على الخليقة (لو 4: 33-41 ومر 5: 1-42 وغيره). وقد ذاعت شهرته بسبب هذه التعاليم والمعجزات والقوات بين جماهير الجليل (لو 4: 40-42 و5: 15 و26و6: 17-19). وقد وصلت هذه الشهرة إلى الذروة في معجزة إطعام الخمسة الآلاف (مت 14: 13-21 ومر 6: 30-44 ولو 9: 10-17 ويو 6: 5-13). وكان هذا دليلًا قاطعًا واضحًا على أنه المسيح المنتظر بحيث عزمت الجماهير على تتويجه ملكًا (يو 6: 15).



(و) تعليمه الاثني عشر وتدريبه إياهم:



بعد أن رفض يسوع أن يتوج ملكًا أرضيًا (يو 6: 26 و27). تركته الجماهير حتى أن بعضًا من تلاميذه تركوه ومضوا عنه (يو 6: 66و67) فذهب إلى منطقة صور وصيدا . وقيصرية فيلبس (مت 15: 21 و16: 13 ومر 7: 31 وغيره) . ولكن لم يمكن أن يختفي عن الأنظار ، فلما عاد مرة أخرى إلى البلدان القريبة من بحر الجليل شفى كثيرين وأعان كثيرين في محنهم وأطعم الجماهير بمعجزة لأنه تحنن على الجموع وأشفق قلبه عليهم (مت 15: 29-39). ثم ترك الجموع مرة أخرى وذهب على انفراد مع تلاميذه وسألهم ذلك السؤال الخطير: "وأنتم من تقولون أني أنا ؟" (مت 16: 15) فتكلم بطرس بالنيابة عن الرسل أجمعين قائلًا "أنت هو المسيح ابن الله الحي فبدأ يسوع منذ ذلك الحين يعد تلاميذه للحادثة الجلل التي تنتظرهم في أورشليم (مت 16: 21-26). ولكنه علمهم أيضًا في وضوح وجلاء وفي قوة ويقين بأن النصر النهائي له (مت 16: 27 و28) ولذا فلا ينبغي أن يتسرب الخوف إلى نفوس أتباعه أو ينتابها شيء من الوجل (لو 12: 4-12 و32-34).

وقد بلغ إعلانه نفسه لتلاميذه الذروة في التجلي على الجبل عندما رآه أتباعه الثلاثة المقربون في مجده الإلهي (مت 16: 1-13 ومر 9: 2-10 ولو 9: 28-36) . ولأنه جاء ليتمم الناموس والأنبياء ، ظهر معه موسى ممثل الناموس، وإيليا ممثل الأنبياء في مجده قبل أن يتمم شطر أورشليم للمرة الأخيرة ليواجه آلام الموت ويحتمل الصليب لأجل خلاص البشر . وأعلن صوت الله من السماء مرة أخرى قائلًا : "هذا هو ابني الحبيب له اسمعوا."



(ز) ازدياد العداء له:



فالمسيح وقد أعلن ذاته لتلاميذه وأقروا هم بأنه بالحقيقة ابن الله (مت 17: 1-3 ومر 9: 2-10ولو 9: 18-20) . بدأ من ذلك الحين يعدهم إعدادًا قويًا واضحًا جليًا لمهمتهم العتيدة بصفتهم نواة كنيسته وأعضاؤها الأولون ، فعلمهم حقائق كثيرة عن طريق مباشر وفي صورة أمثال ثم استمر في إعلان قوته الإلهية وسلطانه السماوي في شفاء المرضى (لو 14: 1-6 و17: 11-19)، وفي فتح أعين العمي (مر 10: 46-52)، وفي إعانة من كانوا في محن قاسية وإنقاذهم منها .


فنمت المقاومة ونما عداء حكام اليهود وقادتهم له وسار حقدهم عليه شططًا من سيء إلى أسوأ (لو 14: 1). فقاموا بكل حيلة ووسيلة لكي يوقعوه في فخاخهم حتى يحطموا سيطرته على الجماهير وقوة تأثيره عليهم ، ولكي يجدوا علَّة عليه ليسلموه للسلطات الرومانية لتنفيذ حكم الموت فيه (مت 19: 1-3 ولو 11: 53-54). وقد وجه إلى أعدائه تحذيرات غاية في العمق وغاية في الهدوء والسكينة ، وقد ألقى على مسامعهم تعاليم كان ينبغي أن تنفذ إلى قرارة نفوسهم لو كانوا يفقهون . وكان هدفه في هذه جميعها أن تتغير قلوبهم ، ولكن ما كان منهم إزاء كل أعمال الرحمة والإحسان وشفاء المرضى وإقامة الموتى (يو 11: 41-45). إلا أن ألهبت قلوب غالبية الفريسيين والكتبة وآخرين من قادة اليهود وزعمائهم بنيران الحقد عليه والكراهية له (يو 11: 46-53).



(ح) الأسبوع الأخير في أورشليم:



دخل المسيح أورشليم جهارًا كالمسيا المنتظر وسط هتاف الجماهير (مر 11: 1-10 ويو 12: 12-19 وغيره). فدخل إلى الهيكل وطرد الصيارفة والباعة ومن يتجرون في الأبقار والأغنام والحمام من ساحة الهيكل الخارجية فأظهر بأنه المسيا المنتظر حقًا صاحب السلطان السماوي المطلق (لو 19: 45-46 ومت 21: 12-16). وكانت النهاية تقترب . وقد كشف المسيح في هدوء وتؤدة وبغير ما عنف أو قسوة رياء مضطهديه (مت 23: 1-39 ولو 20: 45-47)، بينما كان يعلم في الهيكل في تلك الأيام المليئة بالأحداث (مت 21: 33-44 و22: 1-14 ومر 12: 1-12 ولو 20: 9-47). وتنبأ بما يحل بشعب اليهودية وبأورشليم وبالهيكل (لو 21: 20-24 وما يليه) ، في أوقات الخطر المقبلة . وقد حذر تلاميذه وأتباعه من الأخطار التي تنتظرهم (لو 21: 9-19 وما يليه). وأنبأ بما ينتظر العالم والكنيسة (لو 21: 25-27)، وبأن تاريخ العالم سينتهي بمجيئه الثاني في مجد وجلال ليعلن قوته الإلهية وسلطانه فوق كل قوات الظلمة، وابتداء ملكوته الأبدي (مت 24: 29-31 و25: 31-46).



وفي المساء السابق لصلبه أراد أن يعد رسله إعدادًا نهائيًا للمهمة العظمى التي تنتظرهم، فغسل الرب يسوع أرجلهم (يو 13: 1-11)، معلمًا إياهم درسًا لازمًا لهم في التواضع والوداعة (يو 13: 12-17 ولو 22: 24-30). وأعلن لهم أن يهوذا الذي كان واحدًا منهم سيسلمه (مر 14: 18-21 ويو 13: 21-30)، ورسم لهم فريضة العشاء الرباني (مت 26: 26-29 وما يليه). ثم قدم صلاته الشفاعية العظمى من أجل أتباعه (يو 17: 1-26).


من ثمّ قدم نفسه نهائيًا للآب وسلم إرادته تسليمًا كليًا له في بستان جثسيماني (مت 26: 39-46و غيره). وحمل خطيئة الكثيرين وأخذ على كاهله إثم البشرية الخاطئة الأثيمة وقدم نفسه طوعًا واختيارًا للقبض عليه وللمذلة والهوان وللاتهام ظلمًا وبهتانًا وللصلب . فبلغت آلامه النيابية وموته الكفاري الذروة القصوى على الصليب ، فبعد انقضاء ثلاث ساعات الظلمة صرخ بصوت عظيم قائلًا: "إلهي إلهي لماذا تركتني؟" (مت 27: 46). وقد أخبر تلاميذه من قبل أنه لم يأت ليدين العالم بل ليقدم نفسه فدية عن كثيرين (مت 26: 28 ومر 10: 45 وغيره). فقدم نفسه عن رغبة واختيار كحمل الله الذي يرفع خطيئة العالم (يو 1: 29 و10: 11-18). فأنجز مهمته التي جاء من أجلها إلى أرضنا وأكمل غاية الآب السماوي ورغبته، فقبل أن يسلم الروح إلى يدي الآب السماوي وقال في انتصار وظفر نهائيين : "قد أكمل" (يو 19: 30).



(ط) الدفن والقيامة والصعود:



ولما أسلم يسوع الروح خرج عن نطاق سلطان أعدائه وقوتهم . فأنزل جسده عن الصليب (لو 23: 50-53). ودفن في قبر جديد في بستان ، وبعد وقت قصير تمم وعده الذي وعد قبل موته بأنه يقوم من بين الأموات . ففي اليوم الثالث نهض قائمًا من بين الأموات كالمسيح المقام والرب الحي وبذلك بدّد خوف أتباعه وشكوكهم (لو 24: 13-49 ويو 20: 11-21: 22). وظهر لهم مرارًا وتكرارًا مدة أربعين يومًا وفتح أذهانهم ليفهموا الكتب ووعدهم بإرسال الروح القدس ليعزيهم ويرشدهم ويؤيدهم بقوة من لدنه ليكونوا شهودًا له مبتدئين من أورشليم إلى أقصى الأرض (أعمال 1: 8).



وبعد أن حقق لهم انه قد دفع إليه كل سلطان في السماء وعلى الأرض (مت 28: 18)، أرسلهم لكي يتلمذوا جميع الأمم (مت 28: 19). بعد أن وعدهم بأن يكون معهم كل الأيام، إلى انقضاء الدهر (مت 28: 20). ثم بعد ذلك صعد إلى السماء وقد رفع يديه وباركهم (لو 24: 5). فاختتمت حياة يسوع المسيح على الأرض بهذا النصر النهائي وتم فيه ما أعلنه الرسل يوم الخمسين "أن الله قد جعل يسوع هذا الذي صلبتموه أنتم ، ربًا ومسيحًا" (أعمال 2: 36)

.

التعليقات
0 التعليقات

0 comments:

Post a Comment

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
;